الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

ليس الأن ...

تزايدت فى الأسابيع الأخيرة دعوات النزول للتظاهر فى الشوارع فى الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير 2011 ،،، انطلقت هذه الدعاوى من عدة فصائل بعضٌ منها شارك فى الثورة ، وكثيرون منها خانوها عندما وصلوا للسلطة وانقلبوا عليها وعلى اهدافها وعلى من قاموا بها ، ووصفوهم بأقذع الألفاظ حتى وصل بهم حد الصفاقة إلى تكفير من كانوا سبباً فى وصولهم لتلك السلطة التى سرعان ما آُخذت منهم جزاءاً وفاقاً لخيانتهم لها و تواطئهم مع اعداءها لتثبيت دعائم سلطتهم التى كانوا يسعون لها منذ اكثر من 80 عام


وهاهم الأن ينادون بالإصطفاف الوطنى والوقوف جنباً إلى جنب فى وجه الظلم والطغيان والإستبداد ناسين او متناسين انهم كانوا جزءاً أصيلاً من هذا الظلم والطغيان والإستبداد منذ بضعة أشهر ،،، لكنهم يتجاهلون كل ذلك ويركزون دعواتهم على مظلوميتهم التى تسببت فيها اياديهم هم أولاً قبل أى أياد أخرى وهذا شئ عجيب ان ينادى من خان الوفاق والإتفاق الذى حدث فى فرمونت إلى الإصطفاف مرة اخرى ، وكأنه يتعامل مع حفنة من البلهاء والحمقى الذين أدمنوا تجرع كأس الخيانة منهم مرة تلو أخرى !!


ثم يفاجئونا بعد دعوات الإصطفاف والتوحد ببيان خزعبلى يوضحون فيه اهدافهم الحقيقية التى يناضلون من أجلها وهى ببساطة "السلطة" !!!


فهل يُعقل أن ينزل ثائر من ثوار يناير كان هدفه "العيش ، والحرية ، والعدالة الإجتماعية" إلى جوار من كان هدفه "برلمان ، ورئاسة" زالت عنه بعد أن انقلب على اهداف تلك الثورة الطاهرة وهاهو يعاود الكرة مرة أخرى للعودة إلى الرئاسة التى فشل فيها فشلاً ذريعاً كان هو السبب الأكبر فيه ، ولا أحد غيره ...


إن الإنخراط فى أى حدث او فعل ينبغى فى البدء ادراك ابعاده من كل النواحى ، وتقدير مكاسب الموقف وخسائره المحتملة للوصول إلى الكفة الأرجح فيهما لتحديد جدوى هذا الموقف من عدمه


حقيقة ، نعلم ان الظلم شاع ، والإستبداد توحش ، و الغلاء استفحش لكن دعونا نتساءل : هل نزولنا يوم 25 يناير القادم سيغير شئ فى هذا ؟!
بالطبع لا .......


إن المتأمل للوضع الحالى فى البلاد سيجد ان نظام السيسى فشل فى تحقيق اى انجاز واقعى يُذكر ، فكل مشاريعه باءت بفشل ذريع وكل الشواهد الماثلة امامنا تدل دلالة قاطعة على ذلك


فأين جهاز علاج فيروس سى ؟ ،،، وأين المتعالجون به ؟ ،،، وماهى نسبة الشفاء التى تحققت بإستخدامه ؟! ............... النتيجة "صفر" !!!
و أين مشروعات "المؤتمر الإقتصادى" الذى وصفه ‫#‏السيسى‬ بأنه "دراع مصر" ،،، أين تلك المشروعات والإستثمارات التى نشر الإعلام انها تعدت مئات المليارات من الدولارات وبشرنا بتدفقها بعد انتهاء المؤتمر ؟؟ ................. النتيجة "صفر" !!!
و أين مشروع "المليون ونصف فدان" ؟؟ !!! ........ النتيجة "صفر" !!!
و أين الدخل الذى حققته "تفريعة قناة السويس الجديدة" التى روج لها السيسى واعلامه بأنها "قناة جديدة" فى كذب صُراح بل وذهب بالكذب والخداع لأقصى مدى حين ادعى انها غطت تكاليف حفرها فى اسبوعين ... فأين الأموال التى تدفقت من هذه التفريعة ، وأين الزيادة التى وعد بها السيسى جماهيره التى اندفعت لشراء شهادات الإستثمار فى هذه التفريعة او تلك القناة ؟!!!! ........... النتيجة "صفر" !!!
وأين ،، وأين ،، وأين ؟!!!!!!!!!!!!!!!! ................ النتيجة "صفر كبيرررررر" !!


السيسى ظل لأكثر من عام ونصف يدير البلد وحده كسلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية و إعلامية ، وهاهو بعد عامين واكثر يؤلف برلماناً على مقاس طموحاته ومشاريعه الوهمية الفاشلة
نعم ،،، نعلم ان هذا يحدث ولدينا ألاف المعتقلين والمقتولين تعذيباً فى سجون وأقسام شرطة السيسى ، فهل المطلوب زيادة هؤلاء المعتقلين بألاف أخرى أو التباكى على سقوط ضحايا أخرين من خيرة شباب هذا الوطن ؟!
هل أصبح هدفنا "البحث عن مظلومية" بعد ان كان "العيش والحرية والعدالة الإجتماعية" ؟!!!


إننى أخاطب كل ثائر من ثوار يناير الحقيقيين الذين يدركون حقيقة اهدافها وطموحات ابناءها وشهداءها الأطهار ومصابيها الأبطال وأسأل : من المستفيد من نزولنا 25 يناير القادم ؟!!


ان الفكر المنطقى والموضوعى يستوجب الا نناور وننكر ان المستفيد الوحيد من نزولنا 25يناير القادم هو نظام السيسى نفسه


نعم فالمتأمل للوضع الحالى الذى يمكن وصفه بـ "الفشل الذريع على كل الأصعدة" سيجد ان السيسى يبحث عن قشة يتعلق بها ويعلق بها فشله وسيجد تلك القشة فى نزولنا ،،، تتساءل كيف ؟!!


حسناً ... السيسى يدير البلاد بلا اى معارضة تقريباً منذ عامين فى حكمه المباشر ، ومع ذلك فشل اقتصادياً كما أشرنا فى الملفات السابقة ، بل وفشل أيضاً أمنياً ليدحض بهذا الفشل الحجة الوحيدة التى كان الناس يراهنون على تحقيقه اياها الا وهى "الأمن" ، وهو فى حقيقته فشل فى ان يكون مستبداً فلم يحافظ على معادلة الإستبداد القميئة "الأمن مقابل الحرية" ، فلا أمن تحقق ، ولا حرية .... ولا أدل على ذلك من حادث "تفجير الطائرة الروسية" وتجسيد الفشل الأمنى الفادح الذى استتبعه بالضرورة "فشل اقتصادى" بتدمير السياحة الخارجية وتخوف السائحين ليس من القدوم إلى مصر فحسب ، بل من مجرد البقاء فيها !!!


أضف إلى ذلك الكساد الإقتصادى الخانق الذى تعانى منه قطاعات عدة بسبب نقص الدولار لتآكل الإحتياطى النقدى الذى تسبب فيه السيسى نفسه بعد اصراره على تحقيق انجاز وهمى بحفر تفريعة القناة الجديدة فى سنة واحدة بدلاً من 3 سنوات ، ولتحقيق ذلك استعان بإستقدام اكثر من 75 % من ألات الحفر فى العالم كله مما تسبب فى تضخيم تكلفة المشروع وآدى بدوره لتآكل الاحتياطى الدولارى نظراً لأن اغلب شركات الحفر أجنبية تتقاضى اتعابها بالدولار الأمريكى ، كما لا يخفى عليكم صفقات السلاح الاستعراضية التى يشترى بها السيسى شرعيته بالخارج غير عابئ بما سيعود على احتياطى العملة الذى يضمن قوة نسبية للاقتصاد جراء تلك الصفقات الخائبة


هذا الكساد أدى إلى نقص المعروض فى الأسواق من السلع الغذائية ، ومستلزمات انتاج عدد كبير من المنتجات ، حتى وصل النقص للأدوية وهى سلعة كما نعرف اكثر من ضرورية لأن منها ما يتسبب غيابه فى انهاء حياة المرضى الذين يعالجون بتلك الأدوية الناقصة


ونظراً لأن السيسى يلمس ذلك جيداً لكنه لا يصرح به كما يصرّح به الواقع ، فقد لجأ لحيلة أى مستبد ألا وهى "المسكنات" ، و رمى بالكرة فى ملعب "الجيش" الذى ينتمى إليه ، ولهذا فلا عجب ان نرى المشهد الهزلى الذى يقف فيه الجندي ليبيع الدجاج والأرز والبطاطس للناس فى الشوارع ولا عجب أن نرى بعد ذلك اثر غياب هذا الجندى عن مهامه على الحالة الأمنية فى البلاد.


وعليه فإن الناظر بعين الفحص للمشهد الحالى سيجد السيسى يتجه من فشل لفشل أكبر ، ولأنه يخشى تحمل المسئولية وحده - رغم انه يتحملها فعلياً وحده - فإنه يظهر كثيراً بين قيادات الجيش او قيادات الشرطة ، وكثيراً ما يوبخ الإعلام لأنه يتكلم فيما لا ينبغى ان يتكلم فيه من وجهة نظره


لذا فإن نزولنا يوم 25 يناير القادم سيكون بمثابة طوق النجاة للسيسى الذى سيجد فى المظاهرات التى ستقع والضحايا الذين سيسقطون مشهداً يصلح لتسويقه كسبب فى فشله و دليلاً على ان هناك من يعيقه عن بناء الدولة المصرية التى يدّعى دوماً أنه يحافظ عليها إلى آخر تلك الأكاذيب


ولهذا سنجد كثيرين من إعلاميى النظام وسدنته يروجون للنزول فى يناير بتصريحات استفزازية هدفها استثارة الشباب وتحفيزهم على النزول لتوفير المشهد السابق الذى يصلح كشماعة للنظام يعلّق عليها فشله


إن الثورة قادمة لا محالة ، طالما بقيت اسبابها ودوافعها قائمة ، والناظر للواقع بعين الموضوعية سيجد ان النظام الحالى يضيف لأسباب ودوافع يناير 2011 اسباباً أخرى ودوافع جديدة


إننا لا ندعو لخذلان الثورة واهدافها والاستهانة بتضحيات شهداءها ومصابيها ، بل ان كلامنا وكتاباتنا هدفها الأول هو عدم التفريط فيها وتقديمها سهلة لأعداءها يستخدمونها فى نشر استبدادهم وتقوية شوكة انظمتهم الامنية الهشة


فهل سنستمع لصوت العقل ام سنقدم لهذا المستبد الظالم طوق نجاته بنزولنا بدلاً من أن نتركه لمصيره الذى سيلقاه حتماً بعد توالى ظهور معالم فشله على كل الأصعدة ، بل وسيلقاه من قطاعات تضم كثيراً من مؤيديه الذين سيستفيقون من غفوتهم التى اوقعهم فيها كلامه المعسول ورومانسيته الحالمة التى لا تليق برئيس دولة بحجم مصر تحيط بها المخاطر من كل جانب ، ناهيك إذا كان رجل ذو خلفية عسكرية ؟!


الإجابة لديكم ......